تشير تقارير حقوقية إلى أن اتفاقية وقف إطلاق النار التي أُعلن عنها هذا الأسبوع بين إسرائيل وحماس تعني هزيمة إيران، الداعم الرئيسي للمجموعة الفلسطينية المسلحة. وذلك وفقًا لما قاله المحتجز السابق في طهران نزار زكا، خلال حديثه لقناة "إيران إنترناشيونال".
يذكر أن نزار زكا، رئيس منظمة "مساعدة الرهائن العالمية"، تم اختطافه في عام 2015 من قبل الحرس الثوري الإيراني بعد حضوره مؤتمرًا في طهران.
وقد قضى هذا المواطن الأميركي اللبناني مزدوج الجنسية أربع سنوات في سجن إيفين الشهير بإيران، منها 18 شهرًا في الحبس الانفرادي، على الرغم من أنه دُعي رسميًا إلى البلاد من قبل نائب الرئيس الإيراني آنذاك.
وقال زكا في حلقة هذا الأسبوع من بودكاست "عين على إيران": "مفهوم أخذ الرهائن تم إنشاؤه وتطويره من قبل النظام الإيراني. لقد بنوا سياستهم الخارجية على أساس أخذ الرهائن".
وكانت حماس وإيران- التي تسلح وتمول وتدرب المجموعة الفلسطينية المسلحة- تأملان كثيرًا في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، الذي أسفر عن مقتل 1200 جندي ومدني وأدى إلى اختطاف 250 رهينة من الأجانب والإسرائيليين.
وقد وصف الطرفان ذلك اليوم الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل، بأنه بداية النهاية لعدوهم المكروه. ولكن بعد أن دمر التوغل الإسرائيلي المخيف في غزة القطاع، وأسفر عن مقتل ما يقرب من 45 ألف فلسطيني، واستمرت الضربات الجوية على إيران وحلفائها لمدة 15 شهرًا، يقول زكا إن طهران من غير المرجح أن تنظر إلى أخذ الرهائن بشكل إيجابي.
وأضاف زكا: "إنه درس كبير بأن دبلوماسية الرهائن لن تنجح".
ووصف خليل الحية، أحد كبار قادة حماس، اتفاقية وقف إطلاق النار بأنها نجاح للحركة، واصفًا إياها بأنها "لحظة تاريخية".
وقال الحية في خطاب تلفزيوني من قطر: "شعبنا أحبط الأهداف المعلنة والمخفية للاحتلال. اليوم نثبت أن الاحتلال لن يهزم شعبنا ومقاومته أبدًا".
وأكد زكا أن إيران ووكلاءها فقدوا فعليًا قدرتهم على التفاوض باستخدام حياة الناس في اللحظة التي تم فيها التوصل إلى وقف إطلاق النار.
وأضاف زكا أنه ليس من قبيل الصدفة أن يكون الرهائن في قلب الصراع بين حماس وإسرائيل، حيث إن حماس تستمر في تقليد بدأته إيران بعد أن استولى الثوار في عام 1979 على السفارة الأميركية واحتجزوا عشرات الرهائن الأميركيين في طهران.
ولطالما سعت إيران على مدار ما يقرب من خمسة عقود إلى تبادل المعتقلين الأجانب مع الحكومات مقابل سجناء أو تنازلات اقتصادية وسياسية.
وأبرزت هذه القضية مؤخرًا احتجاز طهران القصير لصحافية إيطالية الشهر الماضي، واستمرار سجن مواطنين فرنسيين، والوفاة الأخيرة لمواطن سويسري في الحجز بتهمة التجسس. فيما تنفي إيران انخراطها في "دبلوماسية الرهائن".
ووفقًا لقول زكا، فإن فشل وكلاء إيران المسلحين والاتفاق الذي تم التوصل إليه من حيث المبدأ بين الطرفين يظهر أن تكتيك السياسة الخارجية لطهران لم يعد يتمتع بنفس النفوذ الذي كان عليه سابقًا.
لكن إيران ترى الأمر بشكل مختلف. فقد أشاد الحرس الثوري بوقف إطلاق النار باعتباره انتصارًا لغزة والشعب الفلسطيني.
وقد تم الكشف عن جدارية ملطخة بالدماء تصور الرهائن الإسرائيليين بغزة في طهران العام الماضي مع رسالة مكتوبة بالفارسية والعبرية تقول: "لن يتم إطلاق سراح أي رهينة". والآن يبدو أنه سيتم إطلاق سراحهم.
إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه يوم الأربعاء يتضمن إطلاق سراح 33 رهينة خلال الأسابيع الستة المقبلة مقابل مئات الفلسطينيين المحتجزين في إسرائيل. كما ستنسحب إسرائيل من أجزاء في غزة ما يسمح بعودة الفلسطينيين النازحين وتقديم المساعدات الإنسانية.
دور وقف إطلاق النار
وقال زكا: "أنا سعيد جدًا. أحب ذلك. لقد فعلت الكثير. عملت كثيرًا. أمس على القناة 12 الإسرائيلية، قالوا إن وقف إطلاق النار تم بسبب جهودي ودعواتي".
وكان زكا على اتصال مباشر مع الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وحثه على اتخاذ موقف حازم تجاه إيران، وموقف حازم لإعادة جميع الرهائن، وليس الأميركيين فقط بينهم.
وقد أكد نزار زكا أن دونالد ترامب استمع إلى ندائه.
وأضاف زكا: "طلبت من ترامب أن يضغط على بنيامين نتنياهو"، موضحًا: "أخبرنا ترامب أنه إذا وافق على إبرام صفقة لأربعة أميركيين فقط وترك الباقين، فسيكون ذلك بمثابة توقيع شهادة وفاة لجميع الرهائن الآخرين في غزة. قلت لترامب إن نتنياهو سيقتل الجميع".
وأشار زكا إلى أن المحادثات بينه وبين ترامب جرت عبر تطبيق "واتساب" والبريد الإلكتروني.
وأكد زكا أن قصف غزة يعرض حياة الرهائن الإسرائيليين للخطر أيضًا. وعندما كان محتجزًا في إيران، قال إنه كان يدعو الأميركيين لقصف منشآت الحرس الثوري، لكنه أدرك مع الدمار في غزة أن ذلك سيُعرض أرواحًا بريئة للخطر أيضًا.
وأضاف: "أشعر بالكثير من التعاطف مع هؤلاء الناس لأنهم يتعرضون للقصف من قبل إسرائيل، بلدهم، ثم يتم أخذهم كرهائن من قبل حماس، التي تستخدمهم كدروع بشرية".
إنهاء دبلوماسية الرهائن
وقد جعل الخبير التكنولوجي ورجل الأعمال السابق الأميركي اللبناني نزار زكا مهمة حياته التأكد من أن إيران لن تشارك في أخذ الرهائن في المستقبل، ومساعدة الآخرين على إنقاذ حياة الرهائن.
وخلال حديثه في برنامج "عين على إيران"، كان زكا في دمشق يبحث في الزنزانات تحت الأرض عن الصحافي الأميركي أوستن تايس، الذي اختفى خلال حكم الرئيس السابق بشار الأسد.
ويُعتبر تايس الآن في عداد المفقودين، وتعتقد منظمة "مساعدة الرهائن العالمية " أنه محتجز في مكان آمن. ورفض زكا الإدلاء بمزيد من التفاصيل لحماية التحقيق.
كما يضغط زكا على الأمم المتحدة لتقوية "الاتفاقية الدولية ضد أخذ الرهائن" لتشمل عقوبات للمخالفين، ولإدارة الأمم المتحدة محادثات مع الدول التي تشارك في "دبلوماسية الرهائن".
فعلى سبيل المثال، عندما احتجزت إيران المراسلة الإيطالية تشيشيليا سالا الشهر الماضي، وتفاوضت روما مباشرة للإفراج عنها.
وقال زكا: "لا يمكننا السماح للنظام الإيراني بالتفاوض مع كل دولة على حدة، وأخذ الرهائن، والنجاة بفعلته. نحتاج إلى الوقوف معًا كمجتمع دولي ضد أخذ الرهائن". إن اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة تضع دبلوماسية الرهائن الإيرانية تحت الأضواء.