لقي رئيس الدائرة 41 في المحكمة العليا بإيران، القاضي علي رازيني، مصرعه، اليوم السبت 18 يناير (كانون الثاني)، إثر إطلاق نار في مبنى قصر العدالة. حين كان برفقة قاضيين آخرين قتل أحدهما فيما أصيب الثاني ونقل إلى المستشفى لتلقي العلاج.
منذ ثمانينات القرن الماضي، شغل علی رازيني، مناصب قضائية رفيعة في السلطة القضائية والمحكمة الخاصة برجال الدين في إيران.
وفي ثمانينات القرن الماضي، وتحديدًا عام 1988، أصدر أحكام إعدام بحق العديد من السجناء، بما في ذلك أعضاء منظمة "مجاهدي خلق" المعارضة، الذين اعتُقلوا خلال عملية "فروغ جاويدان".
وتقلد رازيني مناصب عديدة، منها رئيس الجهاز القضائي للقوات المسلحة، والحاكم الشرعي في المحكمة الخاصة برجال الدين، ورئيس المحاكم الخاصة بالنظر في مخالفات حرب العراق وإيران، ونائب مدعي عام طهران.
كما وافق في المحكمة العليا على أحكام إعدام بحق العديد من السجناء، بمن في ذلك المعتقلون خلال الاحتجاجات الشعبية. وفي عام 1998، تعرض رازيني لمحاولة اغتيال بواسطة سيارة مفخخة، لكنه نجا منها، وقام المرشد الإيراني، علي خامنئي بزيارته في المستشفى، بعد تلك المحاولة.
يُشار إلى أن رازيني وُلِد عام 1953 في مدينة رازان بمحافظة همدان، غرب إيران. وكتب الصحافي الإيراني، فريبرز كلانتري، أن رازيني كان يُعتبر "وسيطًا" في قضية فساد أبناء نائب رئيس السلطة القضائية، محمد مصدق.
الإعدامات في خراسان
على مدار مناصبه كقاضٍ ومدعٍ عام في المحكمة الثورية بمدن بجنورد ومشهد وطهران، شارك رازيني بشكل مباشر في إصدار أحكام إعدام بحق سجناء سياسيين ومعارضين للنظام الإيراني.
وفي أغسطس (آب) 2016، قال رازيني إنه أصدر أحكام إعدام بحق خمسة أعضاء من مجاهدي خلق في بجنورد، وأن نشاطهم في المنطقة قد انتهى، كما قال: "انتهت القضية".
ووفقًا لمنظمة "العدالة لإيران" الحقوقية، فإن رازيني هو من أصدر جميع أحكام الإعدام بحق النساء السجينات السياسيات في مشهد بين سبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول) 1981.
وفي عام 1984، حل رازيني محل أسدالله لاجوردي في منصب مدعي عام طهران، ثم في عام 1988، وبصفته رئيس المحكمة "الخاصة بمخالفات الحرب"، أصدر أحكام إعدام بحق العديد من أعضاء "مجاهدي خلق"، دون أي محاكمة أو مراجعة قانونية.
وقال رازيني إن العديد من الذين أُعدموا كانوا شبابًا، وإن محاكماتهم لم تستغرق أكثر من "30 دقيقة".
وفي أغسطس 2019، قال رازيني إن أعضاء "مجاهدي خلق"، الذين اعتُقلوا بعد هجوم المجموعة في عملية "فروغ جاويدان" لم يتم نقلهم إلى طهران أو الأهواز، بل "تمت محاكمتهم وتنفيذ الأحكام في المناطق التي اعتُقلوا فيها".
وشغل رازيني منصب مدعي عام طهران، خلال الفترة الثانية لرئاسة محمد يزدي للسلطة القضائية الإيرانية، ثم أصبح رئيس ديوان العدالة الإدارية خلال الفترة الثانية لرئاسة محمود هاشمي شاهرودي. كما أصبح لاحقًا، نائبًا لشؤون الحقوق والتنمية القضائية.
وفي عام 1995، كتب محافظ البنك المركزي الإيراني في ذلك الوقت، محسن نوربخش، رسالة إلى الرئيس الأسبق، محمد خاتمي، يخبره فيها بأنه خلال عمليات تفتيش البنك المركزي، تم اكتشاف أربعة حسابات استثمارية طويلة الأجل باسم رئيس محكمة طهران آنذاك، علي رازيني، بقيمة 5 مليارات ريال لكل حساب.
وقال نوربخش: "إن هذه الحسابات الشخصية تم فتحها عام 1994، وكان من المقرر استخدام جزء من الأموال المودعة فيها لمساعدة بعض القضاة وموظفي وزارة العدل في أمور معيشتهم، تحت إشراف رئيس السلطة القضائية".
تأييد أحكام الإعدام في المحكمة العليا
كان سجل رازيني في المحكمة العليا بإيران مليئًا بتأييد أحكام الإعدام، ففي عام 2010، صادقت الدائرة 41 في المحكمة العليا برئاسته، وبعد نحو 10 سنوات من النزاعات القضائية، على أحكام إعدام بحق أنور خضري، وكامران شيخة، وفرهاد سليمي، وقاسم آبسته، وخسرو بشارت، وأيوب كريمي، وداود عبد اللهي، وهم سبعة سجناء من المواطنين السُّنّة.
كما وافق رازيني على حكم إعدام محمد قبادلو، أحد المعتقلين خلال الاحتجاجات الشعبية.
وفي عام 1998، تعرض رازيني لمحاولة اغتيال، لكنه نجا منها. وتم إلقاء اللوم في ذلك الاغتيال على "جماعة المهدوية"، التي كانت تضم 26 عضوًا، وفقًا لصحيفة "جام جم" الإيرانية، وكانوا يتبعون شخصًا يُدعى محمد حسيني ميلاني.
ووفقًا لتقارير إعلامية حكومية، كان ميلاني رجل دين يعمل في جنوب طهران (دولت آباد)، وادعى أنه على اتصال بـ"الإمام المهدي"، وكان يطلق على نفسه اسم "السيد الخراساني".
وخلال 25 عامًا من رئاسته للمحكمة الخاصة برجال الدين، لعب رازيني دورًا كبيرًا في قمع رجال الدين المعارضين للنظام الإيراني.
ومن بين إجراءاته في ثمانينات القرن الماضي، إصدار حكم إعدام بحق رجل الدين والسياسي الإيراني، سيد مهدي هاشمي، شقيق صهر آية الله منتظري.
كما حُكم على رجل الدين الإصلاحي، حسن يوسفي أشكوري، بالإعدام من قبل المحكمة الخاصة برجال الدين بتهم مثل "العمل ضد الأمن القومي، ونشر الأكاذيب عن مسؤولي النظام الإيراني، والإساءة إلى رجال الدين"، بعد عودته من مؤتمر برلين، لكن الحكم خُفف لاحقًا إلى السجن سبع سنوات.