أثار تعيين الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمايكل دي مينو رئيساً لسياسات وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ردود فعل سلبية من مؤيدي إسرائيل، وذلك بسبب مواقفه السابقة تجاه قضايا الشرق الأوسط وإيران.
وأدى تعيين دي مينو من قبل إدارة ترامب كنائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط إلى إثارة اعتراضات واسعة، حيث أشار المعارضون إلى مواقفه التي تدعو إلى عدم ضرورة وجود الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وعدم دعم أميركا لإسرائيل في مواجهة حزب الله، بالإضافة إلى مشاركته في معهد "كوينسي" الذي أسسه تريتا بارسي، أحد مؤسسي منظمة "نياك" (الداعمة للتقارب بين طهران وواشنطن والممثلة لمصالح الأميركيين من أصل إيراني).
واعتبرت بعض وسائل الإعلام أن هذا التعيين يعني أن "العمل العسكري ضد إيران هو خط أحمر بالنسبة لترامب".
ونقل موقع "جويش إنسايدر" أن تصريحات دي مينو حول إيران والحوثيين والشرق الأوسط أثارت قلق الجمهوريين المؤيدين لإسرائيل في الولايات المتحدة.
وكتبت الناشطة الحقوقية نازنين أفشين جم على حسابها في "إكس" أن معهد كوينسي "يُعتبر متحدثًا باسم جماعات الضغط المؤيدة للنظام الإيراني"، وأن هذا التعيين يثير مخاوف جدية بشأن توجهات السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة.
وأشارت إلى دور منظمة "نياك" في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران خلال إدارتي باراك أوباما وجو بايدن، موضحة أن تريتا بارسي كان أحد مؤسسي كل من "نياك" و"كوينسي".
وفي الوقت نفسه، تساءل مارك ليفين، الإعلامي الجمهوري البارز، عن كيفية وصول دي مينو إلى منصب رفيع في وزارة الدفاع، مشيرًا إلى مقابلة أجراها الأخير في أغسطس (آب) الماضي مع البودكاست المناهض لإسرائيل الذي يقدمه غلين غرينوالد.
وقال دي مينو في تلك المقابلة إنه يعارض حتى "الدعم الدفاعي" لإسرائيل في مواجهة هجمات حزب الله.
كما عارض صراحة الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وأشاد بجو بايدن، الرئيس الأميركي السابق، لضغطه على إسرائيل لمنعها من مهاجمة تلك المنشآت.
وبعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، تحدث أفراد ومقربون منه عن احتمال عودة سياسة "الضغط الأقصى" من واشنطن ضد طهران، وتم التطرق إلى احتمال شن هجوم عسكري على المواقع النووية الإيرانية.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين مطلعين أن بعض أعضاء فريق ترامب الذين يدرسون سقوط نظام بشار الأسد يقيّمون بجدية الخيارات المتاحة لمنع إيران من الحصول على أسلحة نووية، بما في ذلك "الهجمات الجوية الاستباقية".
وقد رفض ترامب، الذي تم اختياره كشخصية العام من قبل مجلة "تايم"، استبعاد احتمال الهجوم العسكري على إيران في مقابلة مع المجلة.
معارضة الوجود الأميركي في الشرق الأوسط
مايكل دي مينو، الذي لديه خبرة سابقة في العمل مع وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) ووزارة الدفاع خلال الفترة السابقة لرئاسة ترامب، قال سابقًا إن "أميركا ليس لديها مصالح حيوية في منطقة الشرق الأوسط"، ويمكنها مواجهة التهديدات الإرهابية "باستخدام الدبلوماسية، والاعتماد على الفاعلين المحليين، والمراقبة الاستخباراتية، والهجمات بعيدة المدى".
وأكد هذا المسؤول في وزارة الدفاع أن على الولايات المتحدة تقليل وجودها العسكري في المنطقة بشكل كبير، وإغلاق قواعدها العسكرية في العراق وسوريا.
كما دعا إلى إعادة تقييم الوجود الأميركي في المنطقة الخليجية.
وقال دي مينو في العام الماضي إن التقارير التي تفيد بأن طهران تسعى إلى السيطرة على الشرق الأوسط "غير واقعية"، وأضاف أن القوات العسكرية الإيرانية لديها قدرات محدودة.
واعتبر الهجوم الصاروخي الإيراني الثاني على إسرائيل ردًا "معتدلًا نسبيًا" على العمليات الإسرائيلية ضد طهران، قائلًا إن إيران تتراجع.
ووفقًا لهذا المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية، أظهرت إيران ضبطًا للنفس، ربما على أمل أن تكون إدارة كامالا هاريس، في حال فوزها المحتمل في انتخابات الرئاسة الأميركية 2024، أكثر استعدادًا للعودة إلى الاتفاق النووي أو اتفاق مماثل.
وحذر مرارًا من أن الهجمات الإسرائيلية على إيران والقوات التابعة لها تزيد من تعريض حياة القوات الأميركية في المنطقة للخطر.
وقال هذا المسؤول في وزارة الدفاع الأميركية أيضًا: "من مصلحة الولايات المتحدة استخدام الدبلوماسية لإنهاء الحرب في غزة في أسرع وقت ممكن".
وكتب دي مينو في مقال له في يناير (كانون الثاني) الماضي بمجلة "Responsible Statecraft" التي يديرها معهد كوينسي، إن الهجمات الأميركية المستمرة على الحوثيين تفتقر إلى القوة الردعية، مضيفًا: "لا يوجد حل عسكري فعال لأزمة البحر الأحمر".
وقد استخدمت إدارة بايدن، خلال فترة رئاسته، القوة العسكرية الأميركية لاعتراض هجمات الحوثيين لحماية الحركة التجارية، وإجراء هجمات دورية لإضعاف القدرات العسكرية للحوثيين.
وبعد بدء فترة الرئاسة الثانية لترامب في 20 يناير (كانون الثاني) الجاري، أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستدرج أنصار الله في اليمن، المعروفين أيضًا بالحوثيين، على قائمة المنظمات الإرهابية.
ووفقًا لبيان وقعه ترامب، فإن سياسة الولايات المتحدة هي التعاون مع الشركاء الإقليميين للقضاء على قدرات الحوثيين ومواجهة عملياتهم.