سلطت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها لعام 2024، الضوء على الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في إيران، لافتة إلى استمرار قمع المعارضة السلمية والاحتجاجات السياسية، بمن في ذلك الحقوقيون والنساء، والأقليات العرقية والدينية، بالإضافة إلى التصاعد المقلق في عمليات الإعدام بالبلاد.
كما اتهمت السلطات الإيرانية بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية" بحق البهائيين، وعائلات بعض الأفراد الذين تم اعتقالهم أو قتلهم، خلال الاحتجاجات المناهضة للنظام، مشيرة إلى المحاكمات غير العادلة، وأن منتهكي حقوق الإنسان في البلاد ما زالوا يتمتعون بالحصانة.
الإعدام
وأكدت "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها، أن إيران تظل واحدة من أكبر منفذي عقوبة الإعدام في العالم؛ حيث تعدم أفرادًا بسبب جرائم ارتكبوها في مرحلة الطفولة، أو بسبب اتهامات غامضة تتعلق بالأمن القومي، وحتى أولئك، الذين يُتهمون بارتكاب جرائم عنيفة.
وذكرت المنظمة أن إيران كانت واحدة من خمس دول في العالم، شهدت أعلى معدلات تنفيذ للإعدام في عام 2023، وواصلت ارتفاعها في عام 2024. ووفقًا لتقرير الأمم المتحدة، فقد أعدم مسؤولو النظام الإيراني أكثر من 400 شخص، في النصف الأول من العام الماضي.
وجاء في تقرير "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات الإيرانية استمرت في فرض قيود صارمة على حرية التجمع والتعبير في عام 2024؛ حيث اعتقلت القوات الأمنية عشرات الناشطين والمحامين والطلاب، كما استهدفت أفرادا من عائلات المعتقلين أو الذين قُتلوا خلال الاحتجاجات، الذين كانوا يطالبون بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ضد أحبائهم.
وأشار التقرير أيضًا إلى قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتمديد مهمة لجنة التحقيق المستقلة بشأن إيران؛ لفحص ادعاءات انتهاك حقوق الإنسان المتعلقة باحتجاجات 2021، خصوصًا فيما يتعلق بالنساء والأطفال. كما مدد مجلس حقوق الإنسان مهمة المقرر الخاص لحقوق الإنسان في إيران، خلال العام الماضي.
الاعتداءات والتعذيب والتمييز ضد الأقليات العرقية والدينية
وأضافت "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها، أن القمع المنهجي والمستمر منذ عقود عديدة ضد البهائيين يعني حرمانهم بشكل متعمد وجدي من حقوقهم الأساسية، لدرجة أن مستوى هذه الانتهاكات يمكن اعتباره جريمة ضد الإنسانية.
وقالت الجمعية العالمية للبهائيين: "إن السلطات الإيرانية استهدفت النساء البهائيات؛ حيث كان ثلثا السجينات البهائيين في عام 2024 من النساء، كما تم اعتقال ومحاكمة عشرات البهائيين بتهم، مثل: "الدعاية ضد النظام" و"الأنشطة التعليمية أو الدعوية المخالفة للإسلام"، وحُكم عليهم بالسجن، خلال العام الماضي.
وأوضحت المنظمة أن الحكومة الإيرانية تمارس التمييز ضد بعض الأقليات الدينية مثل المسلمين السُّنّة، وتحد من الأنشطة الثقافية والسياسية للأقليات العرقية، مثل الأذريين، والأكراد، والعرب، والبلوش.
ووثّقت "هيومن رايتس ووتش" أيضًا الاستخدام المفرط للقوة من قِبل قوات الأمن ضد "كولبر" (العمال الحدوديين) الأكراد، مما أسفر عن مقتل العديد منهم.
حقوق النساء والفتيات
أكدت "هيومن رايتس ووتش" أن السلطات الإيرانية شددت من جهودها لفرض قوانين الحجاب الإجباري؛ حيث تمت ملاحقة النساء والفتيات، بمن في ذلك الفنانات والمشاهير، بسبب عدم الامتثال للحجاب في الأماكن العامة. كما أقر البرلمان الإيراني مشروع قانون "الحجاب والعفاف"، والذي يتضمن فترة تجريبية مدتها ثلاث سنوات لتطبيق هذا القانون.
وأشار تقرير المنظمة أيضًا إلى زيادة عدد حالات قتل النساء على يد أفراد أسرهن؛ حيث وثّقت التقارير أن 35 امرأة وفتاة على الأقل قُتلن في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي، بما في ذلك خمس حالات في طهران. وفي النصف الأول من عام 2024، وثقت مجموعة "وقف قتل النساء في إيران" 93 حالة قتل للنساء، مما يمثل زيادة بنحو 60 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها في عام 2023.
اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء المدنيين وغياب المحاكمات العادلة
وذكرت "هيومن رايتس ووتش" أن العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، ومعظمهم من النساء، يقبعون في السجون الإيرانية، بينما تواصل السلطات قمع واعتقال وملاحقة الأشخاص، الذين يطالبون بمحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات والعدالة.
وأردفت أن المحاكم الإيرانية، خاصة محاكم الثورة، غالبًا ما تفتقر إلى العدالة، وتستخدم الاعترافات، التي يتم انتزاعها تحت التعذيب دائمًا، كدليل. كما أن السلطات القضائية والأمنية ترفض التحقيق بشكل جاد في ادعاءات التعذيب والاغتصاب التي يتعرض لها المعتقلون، وغالبًا ما تقيّد وصولهم إلى الاستشارات القانونية، خصوصًا في مرحلة التحقيقات الأولية.
معاملة اللاجئين والمهاجرين
وتابعت "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها، أن الأفغان في إيران يواجهون ضغوطًا متزايدة؛ إذ يتم تحميلهم مسؤولية التوترات الاجتماعية في البلاد؛ حيث إن العديد من الأفغان الفارين إلى إيران، بعد استعادة "طالبان" للسلطة في أفغانستان، لا يحملون إقامة قانونية، مما يعرّضهم للتمييز، والإساءة، والطرد.
وكان قائد الشرطة الإيرانية، أحمد رضا رادان، قد صرح، في سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، بأنه سيتم طرد نحو مليوني شخص من الأجانب هذا العام.